قَالَ الْقُرْطُبِيّ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة أَيْ فَتَسُوسنِي وَقَالَ الْكِسَائِيّ وَالْفَرَّاء أَصْله الْإِلَه حَذَفُوا الْهَمْزَة وَأَدْغَمُوا اللَّام الْأُولَى فِي الثَّانِيَة كَمَا قَالَ " لَكِنَّا هُوَ اللَّه رَبِّي " أَيْ لَكِنْ أَنَا وَقَدْ قَرَأَهَا كَذَلِكَ الْحَسَن قَالَ الْقُرْطُبِيّ ثُمَّ قِيلَ هُوَ مُشْتَقّ مِنْ وَلِهَ إِذَا تَحَيَّرَ وَالْوَلَه ذَهَاب الْعَقْل يُقَال رَجُل وَالِهٌ وَامْرَأَة وَلْهَى وَمَوْلُوهَةٌ إِذَا أُرْسِل فِي الصَّحْرَاء فَاَللَّه تَعَالَى يُحَيِّر أُولَئِكَ فِي الْفِكْر فِي حَقَائِق صِفَاته فَعَلَى هَذَا يَكُون وِلَاه فَأُبْدِلَتْ الْوَاو هَمْزَة كَمَا قَالُوا فِي وِشَاح إِشَاح وَوِسَادَة إِسَادَة وَقَالَ الرَّازِيّ وَقِيلَ إِنَّهُ مُشْتَقّ مِنْ أَلِهْت إِلَى فُلَان أَيْ سَكَنْت إِلَيْهِ فَالْعُقُول لَا تَسْكُن إِلَّا إِلَى ذِكْرِهِ وَالْأَرْوَاح لَا تَفْرَحُ إِلَّا بِمَعْرِفَتِهِ لِأَنَّهُ الْكَامِلُ عَلَى الْإِطْلَاقِ دُونَ غَيْرِهِ قَالَ اللَّه تَعَالَى" أَلَا بِذِكْرِ اللَّه تَطْمَئِنّ الْقُلُوب الَّذِينَ آمَنُوا " قَالَ وَقِيلَ مِنْ لَاهَ يَلُوهُ إِذَا اِحْتَجَبَ وَقِيلَ اِشْتِقَاقه مِنْ أَلِهِ الْفَصِيل أَوْلَعَ بِأُمِّهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعِبَاد مَأْلُوهُونَ
مُولَعُونَ بِالتَّضَرُّعِ إِلَيْهِ فِي كُلّ الْأَحْوَال قَالَ :
وَقِيلَ مُشْتَقّ مِنْ أَلِهَ الرَّجُل يَأْلَه إِذَا فَزِعَ مِنْ أَمْر نَزَلَ بِهِ فَأَلِههُ أَيْ أَجَارَهُ فَالْمُجِير لِجَمِيعِ الْخَلَائِق مِنْ كُلّ الْمَضَارّ هُوَ اللَّه سُبْحَانه لِقَوْلِهِ تَعَالَى " وَهُوَ يُجِير وَلَا يُجَار عَلَيْهِ " وَهُوَ الْمُنْعِم لِقَوْلِهِ تَعَالَى" وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَة فَمِنْ اللَّه " وَهُوَ الْمُطْعِم لِقَوْلِهِ تَعَالَى " وَهُوَ يُطْعِم وَلَا يُطْعَم " وَهُوَ الْمُوجِد لِقَوْلِهِ تَعَالَى " قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْد اللَّهِ " وَقَدْ اِخْتَارَ الرَّازِيّ أَنَّهُ اِسْم غَيْر مُشْتَقّ الْبَتَّة قَالَ وَهُوَ قَوْل الْخَلِيل وَسِيبَوَيْهِ وَأَكْثَر الْأُصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاء ثُمَّ أَخَذَ يَسْتَدِلّ عَلَى ذَلِكَ بِوُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُشْتَقًّا لَاشْتَرَكَ فِي مَعْنَاهُ كَثِيرُونَ وَمِنْهَا أَنَّ بَقِيَّةَ الْأَسْمَاء تُذْكَر صِفَات لَهُ فَتَقُول اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم الْمَلِك الْقُدُّوس فَدَلَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُشْتَقٍّ قَالَ : فَأَمَّا قَوْله تَعَالَى " الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللَّهِ " عَلَى قِرَاءَة الْجَرِّ فَجُعِلَ ذَلِكَ فِي بَاب عَطْف الْبَيَان وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى" هَلْ تَعْلَم لَهُ سَمِيًّا " وَفِي الِاسْتِدْلَال بِهَذِهِ عَلَى كَوْن هَذَا الِاسْم جَامِدًا غَيْر مُشْتَقّ نَظَر وَاَللَّه أَعْلَم.
مُولَعُونَ بِالتَّضَرُّعِ إِلَيْهِ فِي كُلّ الْأَحْوَال قَالَ :
وَقِيلَ مُشْتَقّ مِنْ أَلِهَ الرَّجُل يَأْلَه إِذَا فَزِعَ مِنْ أَمْر نَزَلَ بِهِ فَأَلِههُ أَيْ أَجَارَهُ فَالْمُجِير لِجَمِيعِ الْخَلَائِق مِنْ كُلّ الْمَضَارّ هُوَ اللَّه سُبْحَانه لِقَوْلِهِ تَعَالَى " وَهُوَ يُجِير وَلَا يُجَار عَلَيْهِ " وَهُوَ الْمُنْعِم لِقَوْلِهِ تَعَالَى" وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَة فَمِنْ اللَّه " وَهُوَ الْمُطْعِم لِقَوْلِهِ تَعَالَى " وَهُوَ يُطْعِم وَلَا يُطْعَم " وَهُوَ الْمُوجِد لِقَوْلِهِ تَعَالَى " قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْد اللَّهِ " وَقَدْ اِخْتَارَ الرَّازِيّ أَنَّهُ اِسْم غَيْر مُشْتَقّ الْبَتَّة قَالَ وَهُوَ قَوْل الْخَلِيل وَسِيبَوَيْهِ وَأَكْثَر الْأُصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاء ثُمَّ أَخَذَ يَسْتَدِلّ عَلَى ذَلِكَ بِوُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُشْتَقًّا لَاشْتَرَكَ فِي مَعْنَاهُ كَثِيرُونَ وَمِنْهَا أَنَّ بَقِيَّةَ الْأَسْمَاء تُذْكَر صِفَات لَهُ فَتَقُول اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم الْمَلِك الْقُدُّوس فَدَلَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُشْتَقٍّ قَالَ : فَأَمَّا قَوْله تَعَالَى " الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللَّهِ " عَلَى قِرَاءَة الْجَرِّ فَجُعِلَ ذَلِكَ فِي بَاب عَطْف الْبَيَان وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى" هَلْ تَعْلَم لَهُ سَمِيًّا " وَفِي الِاسْتِدْلَال بِهَذِهِ عَلَى كَوْن هَذَا الِاسْم جَامِدًا غَيْر مُشْتَقّ نَظَر وَاَللَّه أَعْلَم.
وَحَكَى الرَّازِيّ عَنْ بَعْضهمْ أَنَّ اِسْم اللَّه تَعَالَى عِبْرَانِيّ ثُمَّ ضَعَّفَهُ وَهُوَ حَقِيق بِالتَّضْعِيفِ كَمَا قَالَ وَقَدْ حَكَى الرَّازِيّ هَذَا الْقَوْل ثُمَّ قَالَ : وَاعْلَمْ أَنَّ الْخَلَائِق قِسْمَانِ وَاصِلُونَ إِلَى سَاحِل بَحْر الْمَعْرِفَة وَمَحْرُومُونَ قَدْ بَقُوا فِي ظُلُمَات الْحَيْرَة وَتِيه الْجَهَالَة فَكَأَنَّهُمَا قَدْ فَقَدُوا عُقُولهمْ وَأَرْوَاحهمْ وَأَمَّا الْوَاجِدُونَ فَقَدْ وَصَلُوا إِلَى عَرْصَة النُّور وَفُسْحَة الْكِبْرِيَاء وَالْجَلَال فَتَاهُوا فِي مَيَادِين الصَّمَدِيَّة وَبَادُوا فِي عَرْصَة الْفَرْدَانِيَّة فَثَبَتَ أَنَّ الْخَلَائِق كُلّهمْ وَالِهُونَ فِي مَعْرِفَته وَرُوِيَ عَنْ الْخَلِيل بْن أَحْمَد أَنَّهُ قَالَ لِأَنَّ الْخَلْق يَأْلَهُونَ إِلَيْهِ بِفَتْحِ اللَّام وَكَسْرهَا لُغَتَانِ وَقِيلَ إِنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ الِارْتِفَاع فَكَانَتْ الْعَرَب تَقُول لِكُلِّ شَيْء مُرْتَفِع لَاهًا وَكَانُوا يَقُولُونَ إِذَا طَلَعَتْ الشَّمْس لَاهَتْ وَقِيلَ إِنَّهُ مُشْتَقّ مِنْ أَلِهَ الرَّجُل إِذَا تَعَبَّدَ وَتَأَلَّهَ إِذَا تَنَسَّكَ .
وَقَرَأَ اِبْن عَبَّاس " وَيَذَرك وَإِلَاهَتك " وَأَصْل ذَلِكَ الْإِلَه فَحُذِفَتْ الْهَمْزَة الَّتِي هِيَ فَاء الْكَلِمَة فَالْتَقَتْ اللَّام الَّتِي هِيَ عَيْنهَا مَعَ اللَّام الزَّائِدَة فِي أَوَّلهَا لِلتَّعْرِيفِ فَأُدْغِمَتْ إِحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى فَصَارَتَا فِي اللَّفْظ لَامًا وَاحِدَة مُشَدَّدَة وَفُخِّمَتْ تَعْظِيمًا فَقِيلَ اللَّه . " الرَّحْمَن الرَّحِيم " اِسْمَانِ مُشْتَقَّانِ مِنْ الرَّحْمَة عَلَى وَجْه الْمُبَالَغَة وَرَحْمَن أَشَدّ مُبَالَغَة مِنْ رَحِيم وَفِي كَلَام اِبْن جَرِير مَا يُفْهَم مِنْهُ حِكَايَة الِاتِّفَاق عَلَى هَذَا وَفِي تَفْسِير بَعْض السَّلَف مَا يَدُلّ عَلَى ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْأَثَر عَنْ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَنَّهُ قَالَ : وَالرَّحْمَن رَحْمَن الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَالرَّحِيم رَحِيم الْآخِرَة .